لا تنحصر نتائج العطاء على المحتاجين بل على المعطين أيضا،
فالعطاء هو السلوك المتميز بالإيثار والشعور بالانتماء الإنساني والخلقي التلقائي
الموجه لشخص أو مجموعة من الناس بدون قيود أو شروط سابقة أو لاحقة، ويخلو من انتظار أي ردود فعل.
إنه العمل التلقائي المتدفق من القلب مباشرة تجاه الإنسان والكائنات الأخرى والحياة،
فيتجاوز حدود الواجب والولاء والالتزام العرفي والاجتماعي؛ لأن في الولاء والالتزام والواجب قيود "التزام تجاه الآخر"،
إنه يعتمد على نظرة ومفهوم الإنسان للحياة والإنسانية، وليس مجرد إجراء السلوك العطائي فقط.
والعطاء يحوي شتى أنواع السلوكات الإنسانية ذات المنفعة للآخرين من المودة والحنان والعاطفة
لقلب الطفل، والمريض، والكبير، والمسكين، وأصحاب الكروب والاحتياجات.
وإعطاء الفرصة للشكوى، والتلاطف والتعاطف، والمساعدة المالية، والتثقيف،
والتعليم، والإسناد، والتوجيه، والمشاركة، والمساعدة في الجهد والوقت والمعرفة...إلخ.
إن العطاء أقوى وسيلة لإسعاد الذات كما تؤكد معظم الأبحاث، حينما تصبح احتياجات الناس أمامك وتحلها بالعطاء،
وفي هذه الآلية، فإن الإنسان يجد ذاته، ويتمتع بطعم الحياة وأهدافها، ناهيك عن أنها ترفع الهم والكرب عن الآخرين
، وتزيل عنهم الشعور بالحزن والحسرة وتحديات الحياة.
وأثبتت أبحاث العام 2007 أن الأشخاص ذوي العطاء تختلف وظائف أجزاء من أدمغتهم عن البخلاء
، ذلك أن الأشخاص الذين يعطون تتأصل لديهم هذه الممارسة في عقليتهم ونظرتهم الى العالم والآخرين،
وليست فقط مجرد ممارسة سلوكية مجردة من الإحساسات النفسية والروحانية
، أي أن هناك اختلافا في المفاهيم والنظرة الوجودية للإنسان والعالم والحياة.
أما بالنسبة للتغيرات الهرمونية الدماغية في عملية العطاء؛ فوجد العالمان في علم الأعصاب جيوردن جرامفان وجورج مال، العام 2006،
أن العطاء يستحث جزأين مهمين من الدماغ في المركز العاطفي ما يعرف بـ"ميزولمبيك وسيبلونغيوال"،
واللذين يؤديان وظيفة التعزيز السلوكي؛ أي إعادة وتكرار السلوك نفسه بعد الشعور بالنشوة والفرح،
واستحثاث المنطقة الدماغية المسؤولة عن الانتماء الاجتماعي والشعور بالروابط الاجتماعية العاطفية الدافئة والحميمية،
وأن العطاء لا يعمل على تثبيط الأنانية فقط، بل يؤدي الى الشعور بالغبطة والسعادة.
أما عن فوائد العطاء على الجسم والنفس والروح، فالعطاء عملية تؤدي الى تحرير الإنسان
من الضغوطات النفسية والجسدية، فالأبحاث والدراسات وجدت أن للعطاء النتائج الآتية:
- بعض الأبحاث وجدت أنه ينشط جهاز المناعة الجسدية.
- التقليل من الشعور بالآلام الجسدية العضوية والجسدية النفسية.
- استحثاث العواطف الإيجابية التي تشعر الإنسان بالحيوية، والطاقة، والاستمتاع والصحة الجسدية.
- التقليل من الاتجاهات السلبية لدى الإنسان؛ كالنزعة العنفية والعدوانية.
- تحسين الوضع الفسيولوجي للجسم؛ أي تنظيم عمل أجهزة الجسم بشكل سليم بإزالة الضغوطات النفسية.
- الشعور بالمرح والانبساط والنشوة والفرح، وهذا ما يؤدي الى الاستمرارية في العطاء. ونتيجة لتكرار هذه المشاعر المريحة، وإزالة الضغوطات، فإن المزاج يكون دوماً في أحسن الأحوال.
- زيادة إفرازات الهرمونات المخدرة الدماغية الطبيعية "الاندورفين"، وهذا أيضا ما يساعد على المزيد من الارتياح والنشوة وتعزيز السلوك العطائي، ويؤدي الى ارتفاع المزاج.
وبالتالي، فإن إحدى الوسائل الكبرى لجلب السعادة هي أن تعطي شيئا الى غيرك بدون انتظار ردود فعل.
إنه العطاء الذاتي التلقائي، إنك تستطيع رؤية هذه السعادة من خلال وجوه الآخرين الذين أعطيتهم،
من خلال ابتسامة الطفل والشيخ والمريض..، ومن خلال العلاقة الحميمية الدافئة بينك وبينهم.
فالعطاء كالعطر يصيبك قبل الآخرين، إنه الذي يجعلك تشعر بالسعادة حينما تعطي الآخرين بحرية.
واعلم أنك سوف تبقي من خلال ذلك مكانا شحيحا للشعور بالكآبة والحزن.
وتبني مكانا فسيحا للشعور بالسعادة والمرح والارتياح لك أولا ومن ثم للذين أعطيتهم،
فكما يؤكد الباحثون فإن الإنسان الذي يعطي يشعر بالسعادة أكثر من الذي يأخذ.
الدكتور محمد عبدالكريم الشوبكي
مستشار واختصاصي الأمراض العصبية والطب النفسي
فالعطاء هو السلوك المتميز بالإيثار والشعور بالانتماء الإنساني والخلقي التلقائي
الموجه لشخص أو مجموعة من الناس بدون قيود أو شروط سابقة أو لاحقة، ويخلو من انتظار أي ردود فعل.
إنه العمل التلقائي المتدفق من القلب مباشرة تجاه الإنسان والكائنات الأخرى والحياة،
فيتجاوز حدود الواجب والولاء والالتزام العرفي والاجتماعي؛ لأن في الولاء والالتزام والواجب قيود "التزام تجاه الآخر"،
إنه يعتمد على نظرة ومفهوم الإنسان للحياة والإنسانية، وليس مجرد إجراء السلوك العطائي فقط.
والعطاء يحوي شتى أنواع السلوكات الإنسانية ذات المنفعة للآخرين من المودة والحنان والعاطفة
لقلب الطفل، والمريض، والكبير، والمسكين، وأصحاب الكروب والاحتياجات.
وإعطاء الفرصة للشكوى، والتلاطف والتعاطف، والمساعدة المالية، والتثقيف،
والتعليم، والإسناد، والتوجيه، والمشاركة، والمساعدة في الجهد والوقت والمعرفة...إلخ.
إن العطاء أقوى وسيلة لإسعاد الذات كما تؤكد معظم الأبحاث، حينما تصبح احتياجات الناس أمامك وتحلها بالعطاء،
وفي هذه الآلية، فإن الإنسان يجد ذاته، ويتمتع بطعم الحياة وأهدافها، ناهيك عن أنها ترفع الهم والكرب عن الآخرين
، وتزيل عنهم الشعور بالحزن والحسرة وتحديات الحياة.
وأثبتت أبحاث العام 2007 أن الأشخاص ذوي العطاء تختلف وظائف أجزاء من أدمغتهم عن البخلاء
، ذلك أن الأشخاص الذين يعطون تتأصل لديهم هذه الممارسة في عقليتهم ونظرتهم الى العالم والآخرين،
وليست فقط مجرد ممارسة سلوكية مجردة من الإحساسات النفسية والروحانية
، أي أن هناك اختلافا في المفاهيم والنظرة الوجودية للإنسان والعالم والحياة.
أما بالنسبة للتغيرات الهرمونية الدماغية في عملية العطاء؛ فوجد العالمان في علم الأعصاب جيوردن جرامفان وجورج مال، العام 2006،
أن العطاء يستحث جزأين مهمين من الدماغ في المركز العاطفي ما يعرف بـ"ميزولمبيك وسيبلونغيوال"،
واللذين يؤديان وظيفة التعزيز السلوكي؛ أي إعادة وتكرار السلوك نفسه بعد الشعور بالنشوة والفرح،
واستحثاث المنطقة الدماغية المسؤولة عن الانتماء الاجتماعي والشعور بالروابط الاجتماعية العاطفية الدافئة والحميمية،
وأن العطاء لا يعمل على تثبيط الأنانية فقط، بل يؤدي الى الشعور بالغبطة والسعادة.
أما عن فوائد العطاء على الجسم والنفس والروح، فالعطاء عملية تؤدي الى تحرير الإنسان
من الضغوطات النفسية والجسدية، فالأبحاث والدراسات وجدت أن للعطاء النتائج الآتية:
- بعض الأبحاث وجدت أنه ينشط جهاز المناعة الجسدية.
- التقليل من الشعور بالآلام الجسدية العضوية والجسدية النفسية.
- استحثاث العواطف الإيجابية التي تشعر الإنسان بالحيوية، والطاقة، والاستمتاع والصحة الجسدية.
- التقليل من الاتجاهات السلبية لدى الإنسان؛ كالنزعة العنفية والعدوانية.
- تحسين الوضع الفسيولوجي للجسم؛ أي تنظيم عمل أجهزة الجسم بشكل سليم بإزالة الضغوطات النفسية.
- الشعور بالمرح والانبساط والنشوة والفرح، وهذا ما يؤدي الى الاستمرارية في العطاء. ونتيجة لتكرار هذه المشاعر المريحة، وإزالة الضغوطات، فإن المزاج يكون دوماً في أحسن الأحوال.
- زيادة إفرازات الهرمونات المخدرة الدماغية الطبيعية "الاندورفين"، وهذا أيضا ما يساعد على المزيد من الارتياح والنشوة وتعزيز السلوك العطائي، ويؤدي الى ارتفاع المزاج.
وبالتالي، فإن إحدى الوسائل الكبرى لجلب السعادة هي أن تعطي شيئا الى غيرك بدون انتظار ردود فعل.
إنه العطاء الذاتي التلقائي، إنك تستطيع رؤية هذه السعادة من خلال وجوه الآخرين الذين أعطيتهم،
من خلال ابتسامة الطفل والشيخ والمريض..، ومن خلال العلاقة الحميمية الدافئة بينك وبينهم.
فالعطاء كالعطر يصيبك قبل الآخرين، إنه الذي يجعلك تشعر بالسعادة حينما تعطي الآخرين بحرية.
واعلم أنك سوف تبقي من خلال ذلك مكانا شحيحا للشعور بالكآبة والحزن.
وتبني مكانا فسيحا للشعور بالسعادة والمرح والارتياح لك أولا ومن ثم للذين أعطيتهم،
فكما يؤكد الباحثون فإن الإنسان الذي يعطي يشعر بالسعادة أكثر من الذي يأخذ.
الدكتور محمد عبدالكريم الشوبكي
مستشار واختصاصي الأمراض العصبية والطب النفسي